Skip to content Skip to footer
صرنا نعيش في أزمنة تمزق وتفتيت! لقد ملأ الشيطان قلوب الناس بالخوف والشهوة، هذا ما نقرأه في رسالة يعقوب:

١ مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ ٢ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. ٣ تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. ٤ أَيُّهَا الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ.

(يعقوب ٤: ١-٤)
والشهوة إذا سيطرت مزّقت الإنسان عن نفسه، إذ تسوقه كل شهوة في مسار يُعادي فيه نفسه ويؤذيها دون أن يدري… والخوف إذا سيطر مزّق الإنسان عن أخيه الإنسان في محاولة كل منهما لأن يسلب الآخر لصالح ذاته المرتعبة المطالبة التي تريد حماية نفسها وتأمين راحتها وحاجاتها.

العالم يبحث عن سلام، عن راحة ولو مؤقتة، وأحياناً ولو وهمية… ولكن من أين؟

قال الرب يسوع لتلاميذه:

“«سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.”

(يو 14: 27)
كان الرب يعرف أنه سيرسلهم في عالم مرعب، كخراف وسط الذئاب، وأن العدو من حولهم سيبثّ في الأرض موجات التهديد والترهيب ليهيج عليهم جنوده وخدامه…
هذا بالإضافة إلى تحديات الحياة الطبيعية نفسها في وسط عالم فاسد والتي بدورها تجعل من السلام أمر صعب المنال.
لذلك أخبرهم بأنه سيترك لهم سلاماً!
سيتركه لهم… تركة لهم… ميراثاً! هللويا!
السلام ميراثنا في المسيح يسوع!

ما هو السلام الإلهي؟

الكلمة اليونانية المترجمة هنا “سلاماً” هي “ειρηνη” إيريني. والتي تعني ضمّ العناصر إلى بعضها لتكوين عنصر واحد جامع سليم ليس به كسور ولا شروخ…
ما يشرحه القديس بولس بوضوح في إعلان الكنيسة الجامعة لليهود والأمم:

“لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ وَاحِدًا، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ”

(أف 2: 14)
السلام الذي نرثه في المسيح هو سلامتنا… مداواة جروحنا وترميم الشروخ بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان والإنسان وبين الإنسان والله.

هذا السلام لا يستطيع العالم أن يقدّم مثله، إذ لا يستطيع المنكسر والمنقسم أن يجمعك ويشفيك!
العدو الخبيث الذي رفض السلام الذي جُبِل عليه وقرر أن يشق صفوف ملائكة الله وخدامه وانقلب على عائلته يحاول إسقاط خطيئته على العالم كله وعلى كنيسة الله… لذلك فهو يحاول بشدة زعزعة سلام القديسين في المسيح… يتفنن في قلب الجبال إلى أعماق البحار وتهييج رياح العالم ومياهه… لكنه يصطدم بالرب ممكناً كنيسته من سحقه تحت الأقدام…
ولمّا يذكر الكتاب موقف الرب في هذه الحرب يدعوه بدقة وتحديد “إله السلام”.

“وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ.”

(رو 16: 20)
وكأن المعركة كلها معركة سلام… وهي بالفعل معركة سلام!
فالسلام إذا غاب لا يمكن لكل بذار البر أن تنمو!

“وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ.” 

(يع 3: 18)
لا يمكن للبر أن يستعلن في وسط انقسام القلب وانقسام جسد المسيح.
هللويا فهذا السلام الذي يزرع فيه البر هو ميراثنا… إن كنتُ في المسيح فأنا في سلام… سلام يزداد ويسود كلما سكنت نفسي في المسيح دون إرتباك بحسابات غير حسابات الرب.

“وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي إِلَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ.”

(كو 3: 15)
وكل ميراث تحتضنه مسئولية القديسين وجهادهم… على سبيل الحفاظ على النعمة والتهيئة لزيادتها بنعمة الرب… فيقول:

“أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ افْرَحُوا. اِكْمَلُوا. تَعَزَّوْا. اِهْتَمُّوا اهْتِمَامًا وَاحِدًا. عِيشُوا بِالسَّلاَمِ، وَإِلهُ الْمَحَبَّةِ وَالسَّلاَمِ سَيَكُونُ مَعَكُمْ.”

 (2 كو 13: 11)

فكيف أحافظ على عطية سلام المسيح؟

حفظ سلام الإنسان مع نفسه بالسلوك بالروح:

١ إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. ٢ لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ. ٣ لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ، ٤ لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا، نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. ٥ فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ، وَلكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ. ٦ لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ.

(رومية ٨: ١-٦)
فالخليقة الجديدة مصممة لتنال شبعها وحياتها وسلامها من الله والسلوك بالجسد والإهتمام بما للجسد يصنع انشقاقاً في اتجاهات الكيان وخلطاً في الأعماق بين نور وظلمة تصنع انزعاجاً لأن لا شركة بينهما ولا انسجام.
أما من يثبت في قلبه رأي السلوك بالروح… ولا يسمح لآراء الجسد أن تسوقه يكون سالماً…

لذلك يقول:

ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِمًا سَالِمًا، لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ. 

(إشعياء ٢٦: ٣)
يحاول المؤمنون كثيراً نسب ازعاجاتهم وعدم سلامهم لظروف الحياة وشرور البشر لكن الكتاب يخبرنا أن سبب اضطراب القلب الأعظم هو السلوك بالجسد الذي يريد أن يأخذ ويسلب ويظهر ويسيطر ويتحكم في الحياة.


حفظ سلام الإنسان مع أخيه بالسلوك بالحكمة النازلة من فوق:

١٣ مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. ١٤ وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ. ١٥ لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. ١٦ لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ. ١٧ وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. ١٨ وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ. 

(يعقوب ٣: ١٣-١٨)
إن محاولة طلب السلام من الله في وسط الكنيسة في ظل تعاملنا مع بعضنا البعض بمباديء العالم وحكمة البشر وقوانين العالم الساقط وطرق تقييمه للحياة وللناس… هي نوع من تجريب الرب.
إذا نسلك بحكمة شيطانية نفسانية تصنع انزعاجاً واتحزبات وانشقاقات فكيف في نفس الوقت نترجى من الرب السلام؟!
إن الحكمة النازلة من فوق حكمة جامعة… تقول الحق في المحبة… وتضع الإنسان الآخر في موضع الحب والتقدير والإحترام… ولا تطلب ما لنفسها… فهي حكمة خالية من الشهوة (الطمع) وخالية من الخوف… خالية من ڤيروسات السلام.

حفظ سلام الإنسان مع الله بالإيمان ببر المسيح وعدم الإتكال على بر الذات:

١ فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ٢ الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ.

(رومية ٥: ١، ٢)
فمحاولة تبرير الذات وتجميلها ترهق الروح التي تبررت بالمسيح… وتقاوم أشواقها للهدوء والثقة في عمله على الصليب… وتصنع نوعين من الحسابات داخل النفس وبين النفس والرب لا يمكن لهما أن يتفقا.
حسابات الاستحقاق الذاتي مع حسابات الإيمان والنعمة ببر المسيح معاً في علاقة واحدة!
سيصير الإنسان في علاقته مع الله كموج البحر المتخبط… وسيتعثر كثيراً في مسيرته مع الله.

٦ وَلكِنْ لِيَطْلُبْ بِإِيمَانٍ غَيْرَ مُرْتَابٍ الْبَتَّةَ، لأَنَّ الْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجًا مِنَ الْبَحْرِ تَخْبِطُهُ الرِّيحُ وَتَدْفَعُهُ. ٧ فَلاَ يَظُنَّ ذلِكَ الإِنْسَانُ أَنَّهُ يَنَالُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ. ٨ رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ. (يعقوب ١: ٦-٨)

(يعقوب ١: ٦-٨)
لقد أعطانا الرب سلامه… سلاماً حقيقياً… لنحفظه بالسلوك بالروح وبحكمة الله والإيمان ببره… لنهدأ ونعترف أنه هو الرب وحده… ضابط الكل… ولا نتكل على الذات.
حينها لن يكون لنا سلامه فقط… بل سيُصاحب السلام خدمتنا في ملكوته كقوة روحية حقيقية ننقلها لأبناء السلام المنتظرين سلام الله وخلاصه.

فيقول للرب لتلاميذه:

٥ وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَقُولُوا أَوَّلاً: سَلاَمٌ لِهذَا الْبَيْتِ. ٦ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ ابْنُ السَّلاَمِ يَحُلُّ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَإِّلاَّ فَيَرْجعُ إِلَيْكُمْ. (لوقا ١٠: ٥، ٦).

(لوقا ١٠: ٥، ٦).
إنه يخبرنا أننا عندما ننطق بالسلام لا نلقي على الأرض صوتاً وتحية، بل قوة حقيقية، حتى أن البيت الذي لا يقبلها تعود مرة أخرى لتسكن قلوب ناقليها!
يريد الرب أن يجعلنا لا سالمين فقط، بل صانعي سلام… ناقلي سلام لكل الأرض.

بقلم/ الأخ رامي سامي

Leave a comment

نرحب بإنضمامكم لعائلتنا

خدمة مسيحية مصرية تهتم بتلمذة الشباب المسيحي بكلمة الله النبوية وإعدادهم للخدمة في كنائسهم المحلية.

مواعيد مجموعات التلمذة

— الجمعة من كل أسبوع الساعة 11 صباحًا 
قاعة أبونا حنا زارع بكاتدرائية يسوع الملك بالمنيا

— السبت من كل أسبوع الساعة 2 ظهراً 
قاعة أبونا حنا زارع بكاتدرائية يسوع الملك بالمنيا

— الثلاثاء من كل أسبوع الساعة 4 مساءً
قاعة أبونا حنا زارع بكاتدرائية يسوع الملك بالمنيا

© 2025 تصميم وتطوير شركة إيلتيك لحلول الأعمال. iilTech .